اسرار اليمن | رمضان هذا العام .. جبايات ورقابة مشددة على الحياة الاجتماعية والدينة في صنعاء ومحيطها

رمضان هذا العام .. جبايات ورقابة مشددة على الحياة الاجتماعية والدينة في صنعاء ومحيطها

 

 

اسرار سياسية

دفعت مليشيا الحوثي الارهابية المدعومة إيرانيا، ومعها حكومة الفساد المعترف بها دوليا، اليمنيين لاستقبال شهر الصوم هذا العام تحت تهديد الفقر والمجاعة، مع استمرار انقطاع الرواتب وانتشار الفساد وانهيار العملة، والمتاجرة بالخدمات، والاستحواذ على ثروات البلاد وتقاسمها.

ومع استفحال أزمة أسعار السلع والمواد الاستهلاكية وتدهور الاوضاع الاقتصادية والمعيشية والسياسية والأمنية والخدمية، يحل شهر رمضان على المواطن اليمني وهو يعيش أسوأ أزمة معيشية لم يسبق أن مرت على البلاد، رغم معرفته بالمسببين والمتسببين فيها، لكنه لا حول له ولا قوة في مواجهتها، مع امتلاك تلك الميليشيات السلاح والسطوة، وتلقيها دعما إقليميا ودوليا.

ومما بات مؤكدا لدى كل يمني أن مليشيا الحوثي وشريكها في الفساد والدمار مليشيا الإخوان، بمساندة حكومة الفساد، جميعهم يسعون بكل طاقاتهم لاستهداف حياة المواطن البسيط ومصادرة حقوقه في العيش والحياة الكريمة، وممارسة عبادته وطقوسه التي اعتاد عليها سنويا في شهر رمضان، ووصلت بهم إلى مصادرة ونهب حتى المساعدات الإنسانية الدولية الخاصة بالمواطن.

ومع حلول الشهر الفضيل، سنحاول في “اسرار سياسية ” وضع المتابع للشأن اليمني، أمام حقائق معيشية “مفجعةإن لم تكن مميتة” وصل إليها اليمني البسيط في ظل سلطة الأمر الواقع المفروض عليه من تلك القوى الفاسدة والمفسدة في الأرض.

الحقيقة المعيشية 

ومن أهم ما يدور في إطار هذه الحقيقة، أن اليمنيين مع حلول الشهر المبارك ينتابهم هلع دائم من عدم الحصول على قوت يومهم، وتوفير أقل القليل من أصناف الطعام على موائد الشهر لأسرهم، فتراهم يتكدسون بالمئات أمام مقار المنظمات الإنسانية المحلية والدولية في المدن.

ويحاول اليمنيون في هذه الفترة الحصول على القليل من المساعدات التي تجود بها تلك المنظمات التي تصادر 90 بالمائة من الاعتمادات الدولية لليمنيين، فيما تصادر المليشيات المسلحة الحوثية والإخوانية العديد منها لصالح عناصرها وقاداتها.

ومع انتشار حالات الفقر والمجاعة الحقيقية في العديد من المدن بما فيها عدن وصنعاء، تظل أسعار السلع الاستهلاكية والمواد التموينية العامل المشتركة في جميع المناطق اليمنية التي تستهدف اليمنيين في حياتهم، وموائدهم وتصيبهم بمقتل.

وتسببت مليشيا الحوثي وحكومة الفساد المعترف بها دوليا بمشاركة عنصر الفساد الأول في اليمن جماعة الإخوان “حزب الإصلاح”، في وصول البلاد إلى ما هي عليه اليوم، حيث ارتفعت الأسعار في رمضان هذا العام إلى 300 بالمائة عما كانت عليه العام الماضي، فيما تدهورت أسعار العملة بنسبة 150 بالمائة عما كانت عليه في رمضان الماضي.

وتؤكد التقارير المعيشية أن حياة المواطن باتت مهددة بالمجاعة الحقيقية والواسعة، نتيجة ارتفاع الأسعار، وغياب مصادر الدخل لآلاف الأسر اليمنية، فيما تنمو طبقة غنية متصلة مباشرة بالمكونات المسلحة التي تفرض حكما واقعيا على مناطق سيطرتها يشبه إلى حد ما الاستعمار والاحتلال الذي شهدته العديد من الدول في منتصف القرن الماضي.

وتشير التقارير الدولية إلى وجود أكثر من 22 مليون نسمة من أصل 30 مليون يمني يعيشون في حالة افتقار للغذاء، فهم تحت خط الفقر الطبيعي، وتؤكد أن 17 مليون يمني يعيشون مجاعة شبه حقيقية نتيجة استمرار تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية في البلاد جراء الحروب والصراعات التي افتعلتها أطراف ممولة خارجيا.

ومن خلال المشاهدة لما يجري في عدن وتعز وصنعاء، ومدن يمنية رئيسية، حيث تحاول العديد من الأسر الحصول على مساعدات انسانية مكونة من نصف كيس دقيق وقطمة رز “ردي”، وكيلوجرام فاصوليا بيضاء، وعلبة زيت صغيرة، و5 كيلوجرامات سكر، كي توفر تأمين معيشة لأيام قليلة لأسرها، تلك المشاهد تجعلك تهلع مما هو قادم في حال استمر الفساد والمتسببين فيه على رأس سلطات الأمر الواقع في اليمن، والتي قد توصل كل الأسر اليمنية إلى مرحلة الجوع الحقيقي.

وأنت تتنقل بين عدد من المدن اليمنية وشوارعها، تسمع الصرخات التي تذكرك بالأيام الخوالي التي سبقت فوضى 2011، وكيف كان الوضع الذي يسبق شهر رمضان حينها، حيث يتم صرف راتبين وإكرامية رمضان، ومعونات ومساعدات إنسانية، ينعم خلالها المواطن بالصوم ويأمن على توفير لقمة العيش لأسرته، ويتمنون عودة تلك الحقبة التي يسمونها “الزمن الجميل”.

الحقيقة الاقتصادية 

تتجسد الحقيقة الاقتصادية التي تعيشها البلاد مع حلول شهر رمضان في تدمير شبه كامل لمؤسسات الدولة الاقتصادية، مع استمرار نهب ومصادرة ثروات البلاد من المؤسسات الاقتصادية الإيرادية لصالح عناصر الفوضى من جميع المكونات المتقاسمة للسلطة والثروة تحت تهديد السلاح.

وما يزيد من معاناة المواطنين أن الخدمات التي تقدمها المؤسسات الاقتصادية والخدمة الرسمية، باتت تباع على الموطنين بعوائد مالية مرتفعة مئات الأضعاف عما كانت تقدمه الحكومة الرسمية، قبل فوضى 2011، ما جعل المواطن يعيش حرمانا لخدمات الكهرباء والمياه وهما من ضروريات الحياة في شهر رمضان المبارك.

ووفقا لتقارير اقتصادية، فإن المليشيات الحوثية حولت خدمات المؤسسات الاقتصادية وعلى رأسها النفطية والغاز المنزلي إلى سوق سوداء تباع على المواطنين بأسعار مضاعفة، وكذلك الحال بالنسبة لخدمة الكهرباء والماء، فضلا عن تحويل جميع تجارة السلع الاستهلاكية والكمالية لصالح عناصرها، فهي المتحكمة بكل مفاصل الاقتصاد والمال في مناطقة.

فيما في مناطق حكومة الفساد، فإن عناصر الإصلاح المسيطرة منذ 2012، هي التي تدير عمليات فساد منظمة لصالح تنظيم الإخوان، وتحرم اليمنيين من أبسط حقوقهم المالية والخدمية والعوائد التي تذهب إلى حسابات بنوك خارج اليمن، الأمر الذي قاد العملة المحلية للإنهيار أمام العملات الاجنبية، وأدت إلى كارثة معيشية كبرى في المناطق المحررة.

وفي هذا الإطار تشير تقارير احصائية دولية ومحلية، إلى أن عوائد ميناء الحديدة خلال فترة الهدنة وحدها بلغت أكثر من 245 مليار ريال يمني، ذهبت كلها لصالح عناصر الحوثي التي ترفض تنفيذ اتفاق السويد بهذا الخصوص، والذي ينص على أن يتم دفع رواتب الموظفين من عوائد ميناء الحديدة.

مليشيا الحوثي وكعادتها أخلت في هذا الاتفاق، وكذا اتفاق الهدنة الإنسانية التي أعلنت في أبريل 2022، ومن أجل الاستحواذ على هذه المبالغ أقدمت على رفض تمديد الهدنة في أكتوبر من نفس العام، لتدخل في مشاورات مطولة فرضت خلالها شرطا بأن يتم صرف المرتبات من عوائد النفط والغاز، وليس من عوائد ميناء الحديدة.

وعلى ضوء تلك المراوحة تتواصل المشاورات التي ترعاها الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، وكلها تصب في تحقيق المليشيات الحوثية مصالح اقتصادية وسياسية وعسكرية، دون الإشارة إلى أي من الحقوق التي تمس حياة المدنيين اليمنيين، ومنها صرف المرتبات وفتح الطرق.

وبالنظر إلى هذه الجزئية، فإن اليمنيين في هذا العام سيعيشون حالة من التشرذم وعدم القدرة على التنقل نتيجة إغلاق الطرق، وقلة المدخول المالي، وارتفاع أجور المواصلات وكلها عوامل تعكر عليهم الحياة الروحانية في الشهر الفضيل.

الحقيقة السياسية

مع دخول رمضان هذا العام، في ظل حكم مجلس القيادة الرئاسي الذي تم تشكيله العام الماضي، واستمرار وقف إطلاق النار بدون قرار وهدنة حقيقية، تكون البلاد في حالة “لا سلم ولا حرب”، وهي من أصعب الحالات التي تعيشها الدول، لأنها حالة لا يمكن معرفة من يحكم ومن يدير شؤون البلاد، وتسبب في حالة من التيهان والضياع وتداخل المصالح، تنعدم فيها الحالة الأمنية وتغيب الخدمات في مؤسسات الدولة.

ومن خلال التتبع لحالة المجلس المشكل منذ عام، والذي أطلق العديد من الوعود بأنه سيعمل على احتواء الأزمة السياسية والانقسام وحالة التشرذم في مكوناته، فضلا عن معالجة الأزمات الاقتصادية والمعيشية والأمنية والخدمية المختلفة، إلا أن كل ذلك زاد صعوبة وتدهورا وتشرذما، واستفحل خلال عامه الأول الوضع الاقتصادي وتدهور العملة ووصلت حالة الانهيار الحقيقي، وفقا لتقارير محلية ودولية بهذا الخصوص.

ومع حلول شهر رمضان هذا العام، يعيش المواطن اليمني في مختلف المناطق في خوف وهلع على حياته أولا، ومصالحه ثانيا، في ظل غياب كيان الدولة الحقيقية، التي تنظم الحياة وتحمي المصالح الخاصة قبل العامة.

وفي هذا الخصوص، تعيش المناطق المحررة على وجه التحديد حالة من حكم العصابات التي تعمل على التقطع والنهب والمصادرة لأملاك المواطنين، وما تعز إلا أكبر دليل على ذلك، حيث تمارس عناصر حزب الإصلاح المسيطرة على المناطق المحررة، شتى أنواع الانتهاكات والجرائم التي تستهدف المدنيين بشكل خاص، والتي تهدف من ورائها مصادرة الأراضي والأملاك وفرض جبايات وإتاوات مالية لصالح قادتها، كما هو الحال في مناطق الحوثيين.

وتحدثت تقارير عدة في وصف الحالة السياسية اليمنية مع حلول الشهر الكريم، بأنها حالة فوضى وغياب شبه تام لكيان الدولة، في ظل تواجد من يمثلون الحكم أمام العالم، خارج البلاد ولا يوجد مسؤول واحد يمارس صلاحيات المسؤول الحقيقي المحافظ والمنظم للعمليات التجارية والبيع والشراء وتوزيع الموارد على المناطق، ويشعر المواطن بأن رمضان سيكون أفضل.

التقارير تشير إلى وجود ضبابية حول استمرار خدمات الكهرباء والمياه والرقابة على الاسواق في المناطق المحررة، وعلى رأسها مدينة عدن، في ظل مغادرة جميع المسؤولين المعترف بهم دوليا إلى الخارج مع أسرهم وتركهم للمواطنين يكابدون الحياة الرمضانية، دون وجود حقيقي للدولة التي لم تنجز ولا حتى “صفر” بالمائة مما وعدت به عند تشكيل المجلس الرئاسي وحكومته في ابريل من العام 2022.

ويرى العديد من المراقبين للشأن اليمني، أن على اليمنيين في جميع المناطق الخروج للشوارع والميادين للمطالبة بتوفير الخدمات وتسهيل الحياة المعيشية، من القائمين على البلاد، أو رحيلهم واختيار الشعب لمن يحكمه من ذوي المسؤولية والحكمة والخبرة في إدارة البلاد.

الحقيقة الاجتماعية 

يعيش المجتمع في أسوأ ترد للأوضاع الاجتماعية منذ تاريخ اليمن المعاصر، حيث وصلت الحياة الاجتماعية إلى الحضيض خاصة في مناطق المليشيات الحوثية التي فرضت مزيدا من القيود على المرأة، وفرضت مزيدا من القيود على الرجال، تجسد في جملة الإجراءات والتعليمات التي استقدمتها من إيران.

وفي المناطق المحررة، تسببت حالة الفوضى وانعدام الأمن في تقييد حرية الحياة للأسر والفئات الاجتماعية، وبات الخوف من الخروج إلى السواحل والمتنزهات والاسواق يتحكم ويسيطر على السواد الأعظم من أفراد المجتمع.

وكما هو معروف لدى الجميع بأن شهر رمضان، هو شهر التسوق، يسبقه تسوق للاحتياجات الرمضانية، وينتهي بالتسوق لمتطلبات العيد، في الحالتين تشكل الأوضاع المتردية امنيا واقتصادية وماليا سببا في انعدام تلك الحركة والحياة ذات الطابع السنوي الخاص.

وللسنة الثالثة عشرة، يعيش اليمنيون رمضان بدون نكهته الاجتماعية من خلال التواصل بين الاسر بالموائد الرمضانية، نتيجة انعدام معظم أصناف الطعام الرمضاني، نتيجة عدم القدرة الشرائية على توفيرها، ولم تعد توجد إلا عند الأسر التي تنتمي للجماعات الفوضوية المسلحة، التي تمارس الفساد في شتى صوره، وتعيش حياة رفاهية مفرطة على حساب اليمنيين البسطاء.

وتم تقييد التنقلات العائلات في المدينة الواحدة، وبين المدن المختلفة، من قبل مليشيا الحوثي بوضعها قواعد إيرانية على المرأة والاسرة وتطالب منها وثائق ثبوتيه أنهم يمنيون! فيما المرأة محرومة من التحرك وفقا لقواعد طالبان إيران اليمنية.

كما فرضت عدم مشاهدة برامج ومسلسلات تلفزيونية بعينها خلال ليالي الشهر الكريم، ووضعت رقابة على مستوى الأسرة الواحدة والحي الواحد بهذا الخصوص، من خلال تنفيذ ندوات طائفية لعدد من أطفال المدارس وموظفي المؤسسات الحكومية بهذا الخصوص، وهي طريقة تتبعها الميليشيات لتكوين افكار ارهابية متطرفة دخيلة على المجتمع اليمني.

وتحدثت عدد من الجهات الحقوقية في صنعاء، عن إعداد المليشيات لبرامج وأنشطة طائفية ستنفذها خلال شهر رمضان في مناطقها، تهدف لتنمية الفكر الإيراني الطائفي والمناطقي، ويقيد حريات الأشخاص ويفرض عليهم قواعد تعكر عليهم حياتهم الاجتماعية الخاصة بالشهر الكريم.

 الحقيقة الدينية

وفي الحياة الدينية، حرمت الإجراءات الحوثية المتطرفة اليمنيين من روحانية الشهر الكريم، هذا العام بشكل خاص، تم إلغاء جميع مظاهر الحياة الدينية ذات الطابع المعتدل المتسامحة الذي عاشته الأسر اليمنية على مر العصور والسنوات السابقة.

وتقول المعلومات الواردة من مناطق المليشيات إنه تم منع صلاة التراويح في جميع المساجد، خاصة تلك التي كانت لديها اتفاقات مسبقة مع الحوثيين مثل مساجد جماعة السنة “السلفيين” الذين كانوا يؤدون صلاة التراويح بدون مكبرات صوت في مناطق الحوثي بعد انتفاضة 2 ديسمبر التي قادها الزعيم الراحل الشهيد علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية الاسبق، ومن بعده تم إلغاء مكبرات الصوت وممارسة طقوس رمضان التي تعطيه نكهة وروحانية فريدة.

ووفقا لمصادر عديدة في صنعاء، فإن المليشيات وضعت قواعد للصلاة في المساجد خلال شهر رمضان، يتم خلالها إغلاق المساجد بعد صلاة العشاء مباشرة، وكلفت عناصر مسلحة للنزول إلى محيط كل مسجد لمراقبة تلك الإجراءات القمعية في حق العبادات والتي كفلتها الشرائع السماوية والقوانين الوضعية.

إلى جانب تلك الإجراءات بحق العبادة والصلاة، فقد فرضت إجراءات جديدة في مناطقها خلال شهر رمضان، تمثلت بمنع النساء من البقاء في الاسواق إلى ساعات متأخرة في ليالي رمضان حتى وأن كانوا لديهن محرم، وطلبت منهن العودة إلى المنازل قبل حلول منتصف الليل، ما يحرم على أصحاب المحلات التجارية ممارسة النشاط التجاري من بيع وشراء خاصة في مجال الملابس والمنتجات الرمضانية خلال ليالي الشهر الكريم، باعتبار أن النساء هن أكثر شريحة مجتمعية متسوقة، على مستوى العالم.

كما فرضت إجراءات على الشباب بعدم التجمعات والتنقلات في ليالي رمضان، وهي من الممارسات التي تبقى في ذاكرة الشباب عن مثل هكذا مناسبات، بحجة أن ذلك حرام وبدعة، وهي أفكار إيرانية شيعية متطرفة ليس لها أي سند قرآني ولا من السنة النبوية.

ووفقا للمراقبين، فإن حالة الدلال التي يمارسها المجتمع الدولي مع الميليشيات الحوثية دفعتها إلى ممارسة مزيد من التسلط ورفع وتيرة الانتهاكات في ممارستها لسلطة الأمر الواقع في مناطقها، أفقدت المواطن روحانية الشهر وعكرت عليه صفو روحه لممارسة عباداته في مثل هكذا مناسبات دينية.

أزمات رمضان

وكما هو معروف منذ فوضى 2011، تعيش البلاد بمختلف مناطقها أزمات باتت تعرف “بأزمات رمضان”، وعلى رأسها فقدان الغازل المنزلي وارتفاع أسعارها بشكل كبير، فضلا عن غياب العديد من الخدمات مثل بعض السلع الرمضانية، وارتفاع أخرى.

وهذا العام، الأزمات زادت واستفحلت وأصبحت كل السلع والمنتجات تشكل أزمات رمضانية مع حلول الشهر، فالأسعار المرتفعة بشكل يومي، اجتاحت جميع السلع الاستهلاكية، خاصة المتعلقة برمضان، باعتبار أنها موسمية، فضلا عن الضرائب والجمارك التي فرضتها المليشيات الحوثية من جهة وحكومة الفساد من جهة أخرى عليها.

ومن الأزمات المتعارف عليها والتي استفحلت هذا العام، أزمات الكهرباء، وارتفاع أسعار منتجات الطاقة الشمسية “بطارية وألواح شمسية” وكل ما يتعلق بالتسليك واللمبات، وارتفاع أسعار وايتات الماء في مناطق الحوثي، وانقطاع خدمتها في مناطق الحكومة في عدن على وجه الخصوص لساعات طويلة، كما هو حال الكهرباء.

رمضان في التواصل

وفيما يتعلق بمنشورات وتغريدات اليمنيين بشأن حلول الشهر الكريم، تناول العديد من اليمنيين الحالة المعيشية والعوز الذي وصلت إليه الأسر في مختلف المناطق، وعدم القدرة على شراء احتياجات رمضان، وباتوا يراقبون فقط عمليات شراء الأسر ذات النفوذ “الحوثيين والإخوان، ومسؤولي الحكومة والجماعات المسلحة”، وهي أسر تعيش الرفاهية بكل معانيها وفقا لتناولات اليمنيين في مواقع التواصل.

كما انتشرت التهاني بالشهر الكريم وبطريقة غريبة جدا، حملت طابع السخرية. ومن تلك التهاني “شهر كريم” يرد عليه الآخر “الله أعلم”، في اشارة إلى أن الحالة المعيشية والاجتماعية وصلت إلى حد لا يمكن تحمله.

فرحة رمضان

اختفت روحانية الشهر الكريم من حياة اليمنيين نتيجة الغبن والأزمات التي فرضت عليهم خلال السنوات العشر الماضية، ولم يعد لفرحة حلول الشهر الكريم من وجود في انفس اليمنيين في ظل الأزمات التي فرضت عليه بالقوة من قبل جماعات الفوضى المتحكم بمصيره الاقتصادية والمعيشي والسياسي والاجتماعي، وحتى الديني.

وما تبقى من مظاهر الفرحة برمضان، توجد عند الأطفال الأبرياء الذين لم يصلوا إلى مرحلة الاستيعاب بما يجري حولهم من أزمات، حيث ظهرت في احياء عدن ملابس للأطفال مرسوم عليها “هلال ونجمة” كإشارة لحلول الشهر الكريم، فضلا عن تعليق الزينة الكهربائية في نوافذ المنازل ولو أنها بشكل بسيط وبدائي، ولكنها محاولة معبرة عن فرحتهم بحلول ليالي رمضان.

ورغم الحياة التي تعيشها أسرهم إلا أن الأطفال تحاول تحقيق القليل من مظاهر الاحتفاء بحلول الشهر من خلال بعض الأغاني الرمضانية التي ترددها في الاحياء، وطريقة الالعاب التي تمارسها في ليالي الشهر، والتي تخفف من مطالبهم المالية والمادية من أسرهم بشأن الاحتفاء وشراء احتياجات لا تتواجد إلا في شهر رمضان.

آمال وتطلعات

ومع كل تلك الأزمات المفروضة على اليمنيين بالقوة القهرية، تعيش بعض الأسر آمال أن تلتقي بأبنائها المختطفين والمخفين قسرا لدى الحوثيين، وفي سجون بعض الميليشيات المسلحة المنتشرة في البلاد، ويتطلعون إلى خروج مشاورات جنيف بنتائج طيبة تقود للإفراج عن أعداد كبيرة من الأسرى.

كما يتطلع اليمنيين لحصول انفراجة من خلال المشاورات المتعددة المباشرة وغير المباشرة بين أطراف الأزمة اليمنية برعاية الأمم المتحدة والمجتمعين الإقليمي والدولي، للخروج بحلول تنهي معاناتهم ولو على مستوى فتح المعابر والطرق والسماح لهم بالالتقاء بأسرهم المحرومين منهم منذ سنوات.

ويتطلعون إلى أن تشهد الأيام المقبلة من الشهر الكريم وما يليه، انفراجة سياسية وعسكرية والتوصل إلى حلول شاملة للأزمة، وأن يتم اختيار قيادة جديدة للبلاد تقودها إلى مرحلة تشعر الغلابة بالقليل من الأمان والاطمئنان، وتعيد لهم ولو جزءا بسيطا من حقوقهم المسلوبة والمنهوبة من قبل الجماعات الحالية. وتبقى الآمال والتطلعات مشروعة لكل يمني مغبون ومغلوب على أمره، وهو ينتظر عودة تلك القيادة التي طالما تمنى أن تحكمه وتعيد له هيبته وهويته اليمنية العربية الحقيقية.

شارك

آخر الاخبار