اسرار اليمن | النازحون في مناطق الشرعية .. معاناة مفتوحة لتخادم فساد الحكومة والمنظمات “تقرير”

النازحون في المناطق اليمنية المحررة.. معاناة مفتوحة لتخادم فساد الحكومة والمنظمات “تقرير”

اسرار سياسية

ارتفع اجمالي عدد النازحين في اليمن إلى 4 ملايين و200 ألف شخص، بحسب تقارير الامم المتحدة، منذ بدء الحرب في البلاد التي اشعلتها مليشيا الحوثي في 21 سبتمبر/ أيلول 2014م، في الوقت الذي لا يحصلون على ابسط حقوقهم أمام الفساد المشترك بين الحكومة والمنظمات الدولية، وغياب الرقابة الدولية الفاعلة.

ويواجه النازحون في مختلف المناطق المحررة، ظروفا صعبة في الحصول على الغذاء والدواء، بعد ان تخلت الحكومة المعترف بها عنهم، في حين انحصرت المساعدات المقدمة من المنظمات الدولية على جزء منهم فقط.

انتحـــار

وذكرت ورقة عمل قُدمت في ورشة نفذها مركز اليمن لدراسات حقوق الإنسان بعدن، في مارس/ آذار 2021م، ان عدد الافراد النازحين في محافظة أبين، بلغ 6005 فردا، في حين بلغت عدد الاسر 42035 اسرة، توزعوا في 74 مخيم وتجمع، منها 16 مخيما وتجمعا في زنجبار و52 مخيما وتجمعا في خنفر.

مصادر حقوقية أكدت لوكالة “خبر”، ان عدد النازحين في ابين وعدن ولحج، يفوق الاحصائيات التي تمكنت من توثيقها المنظمات ومراكز الرصد، وتتزايد مع استمرار المواجهات المسلحة في البلاد.

وعزف آلاف النازحين عن مخيمات النزوح واماكن الايواء لسعي المنظمات في تحقيق مكاسب مادية علي حساب معاناتهم دون توفيرها كامل احتياجاتهم. علاوة على نظرة المجتمع نحو النازح بدونية تصل حد الاستغلال.

ولافتقار النازحين لابسط الرعاية يتسللهم الاحباط ويمتلكهم القهر، حد تفريطهم بارواحهم.

ففي فبراير 2020م، سجل مخيم الوادي الواقع شمالي منطقة الكود بمحافظة أبين واحدة من صور المآسي التي يلاقيها النازحون وافراد اسرهم.

وبحسب نازحين في المخيم، اقدمت طفلة نازحة في العاشرة من العمر، على الانتحار شنقا بواسطة حبل ربطته في سقف الكوخ الذي تقطن فيه برفقة اسرتها.

وذكر والد الطفلة أن ابنته لم تكن تعاني من أي مشاكل نفسية، لكنها أقدمت على الانتحار، بسبب سوء الحالة المعيشية التي تكابدها الأسرة النازحة، منذ وصولهم إلى المخيم قبل أربع سنوات.

ابتـــزاز

وبحسب ورقة العمل المقُدمة في ورشة مركز اليمن لدراسات حقوق الإنسان، بلغ اجمالي الافراد النازحين إلى عموم مديريات عدن 52275 فردا، بينما بلغ اجمالي عدد النازحين داخل المخيمات 13697 فردا، وبلغ عدد الأسر النازحة في عموم مديريات المحافظة 10204 اسرة، و2915 أسرة نازحة في المخيمات.

فيما نزح إلى محافظة لحج نحو 45696 فردا وأسرة، توزعوا في 13 مخيما داخل المحافظة.

وكشفت سلسلة بيانات صادرة عن ملتقى الموظفين النازخين، اخرها في فبراير/ شباط الماضي، تعرض الموظفون لحزمة اجراءات تعسفية وتضييقية، وصفها البيان بـ”ابتزاز” وزارة الخدمة المدنية بالحكومة الشرعية.

حرمـــان

في السياق، الناشط الاعلامي وعضو ملتقى النازحين بعدن باسل عبدالرحمن أنعم، أكد لوكالة “خبر”، “ان الحكومة الشرعية التي يفترض بها أن تستوعبهم وتولي لهم الاهتمام والرعاية الكاملة وضمهم ضمن المساعدات الإغاثية والإيوائية والإنسانية عبر الوحدة التنفيذية لادارة مخيمات النازحين بالجمهورية، لم تقدم شيئا، وأكتفت بصرف مرتباتهم، مشيرا الي ان الحكومة توقفت عن استقبال نازحين بعد 15 مارس 2018م”.

وعن دور المنظمات، قال انها الاخرى لم تقدم شيئا منذ نزوحهم، باستثناء “حالات فردية من اوساط الموظفين النازحين ولفترة محدودة، ولم تفكر بالبحث والسعي الجدي والحثيث عن الموظفين النازحين ورصد حالاتهم ومعاناتهم منذ نزوحهم”.

وبالعودة للدور الحكومي تجاههم، أكد “أنعم” ان الحكومة “تتعمد تأخير مرتباتنا بعض الأحيان ليصل شهرين حيث نحن الآن بشهر مارس ولم نستلم مرتبات شهري يناير وفبرير”.

واضاف، كما عملت الحكومة على حرمان الموظفين النازحين صرف الزيادة المقررة 30% (غلاء المعيشة) منذ سبتمبر 2018م. كما أنها تسعى نحو عدم صرف لهم العلاوات السنوية المقرة والمعتمدة لست سنوات من 2014م وحتى 2020م.

واستطرد “أنعم”، الموظفون النازحون يواجهون حياة معيشية صعبة جدا للبقاء على قيد الحياة هم وأسرهم، بعضهم لجأ إلى أعمال أخرى تساعده على المعيشة كون الراتب لا يفي بمتطلبات الحياة والمعيشة، في ظل تدهور قيمة العملة الوطنية أمام سعر صرف العملات الأجنبية وارتفاع اسعار المواد الغذائية واجار المسكن..

وذكر موظفون نازحون ان قيمة الراتب الشهري تدنى كثيرا إلى اقل من 50 دولارا بعد ان كان يتخطى حاجز 250 دولارا شهريا، نتيجة تدهور قيمة العملة المستمر بعد ان قفز قيمة الدولار الامريكي الواحد حتى الاحد 13 مارس/ آذار 2022م، 1250 ريالا، بنسبة زيادة تجاوزت 500 بالمئة مقارنة بالعام 2014م.

معانــــاة

أمّا محافطة مأرب (شمال شرقي اليمن)، فقد سجلت اعلى نسبة من اجمالي النازحين في المناطق المحررة، باجمالي نحو 2.2 مليون نازح، موزعين على 138 مخيما وبيت إيجار، بحسب تصريح نجيب السعدي رئيس الوحدة التنفيذية للنازحين، لوسائل اعلام.

وذكر ان المدينة تحتضن نحو 60 في المائة من مجتمع النازحين في اليمن، بما في ذلك نحو 96 ألف طفل و429 ألف امرأة.

وقال عدد من النازحين لـ”خبر”، إن معاناتهم تفاقمت امنيا وصحيا وغذائيا، مع عدم حصولهم على ما يضمن لهم المعيشة الآمنة، فضلا عن تنقلهم المستمر جراء الاستهداف العسكري المباشر لمليشيا الحوثي.

وفي ذات الصدد، اعترفت الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين، بإصابة أكثر من 12 ألف نازح بأمراض عدة ووفاة 3 اطفال، خلال شهر ديسمبر 2021م، نتيجة موجة البرد القارس في موسم الشتاء.

واكدت افتقار المخيمات لأبسط الخدمات الصحية والأساسية. مشيرة إلى ان المنظمات لم توفر أدوات الوقاية من البرد للأطفال والنساء وكبار السن.

وفي وقت سابق، اعلن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة انه تم تسجيل مقتل 14 مدنيا ونزوح الالاف خلال النصف الأول من أبريل 2021.

وأشار إلى تعرض 4 مخيمات للنازحين في مديرية صرواح للقصف بين 22 و29 مارس، مع إصابة أكثر من 10 أشخاص بجروح. وتم إغلاق المخيمات الأربعة وإجلاء نحو 555 عائلة إلى موقع السويداء المجاور، وهو الهجوم الذي سبقه ولحقه العديد من الهجمات الحوثية المماثلة.

أمّا الحكومة اليمنية فقد اعفت نفسها من كامل التزاماتها تجاه المواطنين ككل والنازحين بشكل خاص، بالرغم من المنح والمساعدات التي تقدمها منظمات وحكومات دولية لمجابهة الازمات الطارئة تجاه النازحين والاوبئة وغيرها.

في السياق، افاد مصدر حكومي في محافظة مأرب طلب عدم ذكر اسمه، استيلاء مسؤولين في الجيش والسلطة المحلية على مساعدات قدمتها في وقت سابق دولة الكويت، وبيعها في السوق المحلية.

وذكر المصدر ان تلك الصفقة ضمن عشرات اخرى قدمتها عدد من الدول والمنظمات للحكومة اليمنية بشكل مباشر، ذهب اغلبها لصالح نافذين.

وتستغل الجهات الحكومية تركيز معظم المنظمات الدولية على مأرب لتذهب في مساومات مع مسؤولي المنظمات غالبا ما تنتهي بتقاسم حصص كبيرة ورشاوي مقابل تسهيل الوصول الى المناطق المستهدفة.

المنظمات الدولية لم تخرج هي الاخرى خالية الوفاض، حيث يذهب لصالح موظفيها مقابل رواتب ونثريات وغيرها ما يقارب 60 بالمئة من اجمالي المساعدات المقدمة، بينما تبقى معاناة النازحين المفتوحة، وسيلة بيد الطرفين للتسول باسمائهم محليا ودوليا، والحلقة الاضعف في لعبتهما، في ظل غياب الرقابة الدولية الفاعلة والجادة.

شارك