اسرار اليمن | الحوثيون.. سرطان تمدُّده أفزع الحسابات الأممية والمجتمع يندب حظه العاثر “بشرعية تتهالك” طيلة 7 سنوات،(تقرير)

المجتمع اليمني يندب حظه العاثر “بشرعية تتهالك” طيلة 7 سنوات..،

الحوثيون.. سرطان تمدُّده أفزع الحسابات الأممية (تقرير)

 

اسرار سياسية :

 

لم يعد النهب الحوثي المنظم لموارد البلاد بمختلفها، وتسخيرها لخدمة مشروعها الخاص على حساب المواطنين الواقعين في مناطق سيطرتها حكرا على مزايدات المليشيا تحت مسمى “السيادة والعدوان”، بعد أن استغلت سيطرتها العسكرية على نظام الحكم ومقدراته العسكرية والإدارية وبسطت نفوذها على أجزاء من اليمن، للعام السابع على التوالي، وإقصائها المئات من مناصبهم واستبدال آلاف الموظفين من عناصرها، وسط صلف وممانعة مقيتة بصرف مرتبات عشرات آلاف الموظفين في مناطقها بحجة “العدوان”، في حين قياداتها أُصيبت بالتخمة، بينما عناصرها حوّلت المرافق والمناصب والوظائف الحكومية إلى ملكية خاصة.

سبع سنوات من الحرب استخدمت خلالها المليشيا مختلف الأوراق السياسية واستنزفت شتى طرقها الترويعية للموظفين والمدنيين، بهدف التمدد أكثر على الأرض والتوغل في مفاصل الدولة، في عملية اجتثاث امتد فزع تبعاتها إلى المنطقة والعالم ككل، فالتعايش في نهجها وقاموس راعيها الدولي “إيران” ينتهي عند المطالب الشعبية بالحقوق. بينما الحقوق من منظورها “مجهود حربي، جبايات، قتال، وخُمس للآل..” ودونه “خيانة وتخابر”.

سبع سنوات، تكاد الحرب العسكرية التي يقودها التحالف العربي في اليمن لاستعادة الشرعية، وفق مفاهيمها الحقيقية، لم تأت ثمارها، في ظل استمرار فصيل داخل “الشرعية اليمنية نفسها” رفض الانفتاح مع بقية الأطراف المناوئة للمليشيا الحوثية عسكريا واعلاميا وثقافيا وغيره، -بصورة مشابهة لذات المليشيا- إلا أن تلك السنوات كفلت -محليا ودوليا- تعرية الحوثيين ومشروعهم السلالي وآلية نهب مقدرات البلاد.

وحول ذلك، تعترف منسقة الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة باليمن سابقا، أن مليشيا الحوثي المدعومة إيرانيا قامت بتغيير مؤسسات الدولة التي تحت سيطرتها بشكل منهجي وسخرت كل الموارد لخدمة مشروعها الخاص على حساب المواطنين الواقعين تحت سيطرتها.

وذكرت “ليز جراندي” المسؤولة الأممية التي انتهت مهمتها في اليمن مؤخراً وترأس حالياً معهد أمريكا للسلام، خلال جلسة إحاطة أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي، الثلاثاء الماضي، أنه “في شمال اليمن، تولى الحوثيون، بشكل منهجي الحكم في المناطق التي يديرونها وقاموا بتغييرها، وأصبحت الرقابة والسيطرة على مؤسسات الدولة الآن في أيدي الحركة بالكامل”.

وأضافت “تم إنشاء مؤسسات موازية، يعمل بها الحوثيون حصرياً، للقيام بمهام رئيسية، ويتم الآن تحويل جميع الإيرادات العامة تقريبًا بشكل مباشر إلى المؤسسات الخاضعة لسيطرتهم، بما في ذلك فرع البنك المركزي بصنعاء، إضافة لإدخال آليات لوضع وتنفيذ ميزانيات المديريات والمحافظات”.

الجنون الحوثي “المتوارث سلاليا” تجاه الإنسان أياً كان، أفزع المجتمع الدولي قبل المجتمع المحلي لإدراك كليهما خطر مثل هكذا جماعات على الاستقرار العالمي برمته.

ففي حين أصدرت المليشيا في رمضان المنصرم حزمة قرارات مضمونها “تخصيص خُمس” ثروة ما في باطن وظاهر البلاد لصالحها، لرؤيتها بأنه “استحقاق إلهي”، فضلا عن تشريعها نسبا متفاوتة من بقية نسب الثروة للعاملين عليها منهم ولدعم مدارسها الطائفية وتدريبها وتسليحها العسكري، خرجت رمضان الجاري بقرارات مماثلة تحت مسمى “الزكاة” وبالشكل والطريقة التي تراها، وهو ما تجلّى في إضافة للمسؤولة الأممية بذات الإحاطة المقدمة للشيوخ الأمريكي، حيث قالت “لقد اغتصب الحوثيون الزكاة، وهي ركن ‏أساسي من أركان الحماية الاجتماعية، وجعلوها ضريبة إلزامية، وفرضوا تعريفات صارمة على الزراعة والتجارة، كما أن الهياكل والآليات الجديدة التي أنشأوها ليست تحسينًا للنظام القديم.. إنهم مفترسون، ويعملون دون مساءلة عامة، ويشكلون نظام سلطة منفصلًا يتمتع بسلطات واسعة النطاق”.

‏وأكدت “جراندي” أن الحوثيين استخدموا “هذه الأدوات لتحويل الإيرادات من السلع والخدمات العامة إلى مقاتليهم، وتدمير شركات القطاع الخاص التي لا تتعاون معهم، والتلاعب بالعملة والسيولة من أجل مصالحهم، وليس مصالح عامة الناس”.

وأكدت أنه “في الوقت نفسه، فرض الحوثيون فعليًا مئات القيود على المساعدات الإنسانية، ‏سعيًا إلى التحكم في نوع وتدفق واستهداف جميع أشكال المساعدة، كما واصلوا تهديد العاملين في المجال الإنساني والتنمر عليهم وترهيبهم واحتجازهم”.

وأشارت إلى أنه “تضافرت ممارسة الحوثيين التعسفية للسلطة واعتمادهم على الآليات والأنظمة الإدارية القمعية لخلق واحدة من أكثر بيئات العمل غير المسموح بها في العالم للعاملين في المجال الإنساني”.

حظ عاثر

أمّا المجتمع اليمني الذي يندب حظه العاثر “بشرعية تتهالك” طيلة سبع سنوات، خسارتها تفوق ربحها، فقد انقسم إلى نصفين، الأول التزم الصمت وتسليم كل ما طلبته منه المليشيا من قوت أطفاله الذي يقتاته من أجره اليومي أو بما تجود به المنظمات الدولية من مساعدات إنسانية، وبذلك أصبح مرتضيا العيش في سجن مفتوح، بينما الثاني استمر بمقارعة “الإماميين الجدد”، مرحبا بنهاية مصيرية خلف جدران أربعة تحرس أبوابها قضبان فولاذية وفرق تحقيق وتعذيب ليلية منهم من ينجو فاقدا للذاكرة وآخرون يغادرونها جثثا هامدة، انطلاقا من مبدأ الشعور بالآدمية والواجب الديني والوطني وأنه “ما ضاع حق وراءه مطالب”.

وبذلك أصبح مشروع المليشيا الحوثية الممول -مباشرة- من إيران عسكريا واستخباراتيا، باعترافات متواترة لكبار قياداتها، آخرها تصريح الجنرال الإيراني “رستم قاسمي” في حوار خلال الأيام الأخيرة الماضية مع قناة “روسيا اليوم” الذي أكد بالقول: “نحن نقدم مساعدات استشارية عسكرية للحوثيين وكل ما يمتلكه الحوثيون من أسلحة ناتج عن مساعداتنا”، أشبه بسرطان تمدده أفزع الحسابات الأممية والدولية.

 

 

شارك