اسرار | جنيف3 | فرصة سلام محاطة بالغام الحوثي .. تقرير

جنيف | فرصة سلام محاطة بالغام الحوثي .. تقرير

#اسرار_سياسية – عبدالله أنعم :

من المقرر أن تجتمع الأطراف اليمنية في السادس من الشهر الجاري، في جولة مشاورات جديدة بمدينة جنيف السويسرية، ترعاها الأمم المتحدة وموفدها الخاص إلى اليمن مارتن جريفيث.

ويواجه غريفيث الكثير من المعوقات التي ستنبني عليها إمكانية الالتزام بالموعد ونجاح الجولة من عدمها، ما يعيد الأنظار إلى جولات المشاورات السابقة “جنيف 1″ و”جنيف 2” وصولاً إلى مفاوضات الكويت عام 2016.

ويعقد الجولة الجديدة اشتراطات الأطراف للدخول في مشاورات جديدة، إذ تشدد الحكومة على أن تقوم أي مقترحات وأفكار للحل على أساس المرجعيات السياسية الثلاث “المبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة باليمن”.

في المقابل تشكك ميليشيا الحوثي بنجاح المشاورات قبل انعقادها، تبعاً لتصورها للحل السياسي، وهو ما انعكس في تصريح حديث للمتحدث باسم الميليشيا محمد عبدالسلام.

ويسعى المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، جاهداً إلى فك عقدة المشاورات اليمنية بعد ما يقارب العامين من التعثر و4 أعوام من الحرب وفشل كافة المبادرات السابقة في تحقيق اختراق لجدار الأزمة.

ويعول المبعوث الأممي غريفيث على الجانب الإنساني في إنجاح أولى مهامه لانتشال الأزمة اليمنية من جبهات القتال إلى طاولة المفاوضات.

ملفات صعبه ومعقدة

ويرى مراقبون أن غريفيث سيحاول التركيز في جولة جنيف على جوانب أساسية تتضمن خمسة ملفات رئيسية تتعلق بإجراءات بناء الثقة وإطلاق سراح المعتقلين والأسرى والعمليات العسكرية في الحديدة وسحب سلاح المليشيات الحوثية ودفع أجور العاملين في الخدمة المدنية في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين وكيفية حلها.

ملف بناء الثقة

تشكل إجراءات بناء الثقة واحدة من المعوقات التي تسببت بفشل المشاورات السابقة، بفعل تعنت ميليشيا الحوثي ورفضها خطوات إجراء بناء الثقة، وربما ستكون الفرصة مواتية في جنيف هذه المرة لتحقيق اختراق في هذا الملف.

وكان لافتاً في تصريحات غريفيث حول جنيف 3 وصفها بالجولة الأولى، إذ قال إن “من شأنها أن تتيح الفرصة للأطراف من بين أمور أخرى مناقشة إطار المفاوضات والاتفاق على إجراءات بناء الثقة ووضع خطط محددة لدفع عملية السلام إلى الأمام”.

ووفقاً لمحددات غريفيث، فإن مشاورات جنيف محددة في مناقشة الخطة الأممية وإجراءات بناء الثقة التي يفترض أن يتم التوصل إلى تفاهم حولها قبل انعقاد المحادثات.

وبالتالي فإن الاجتماع إذا ما تم في الإطار ذاته فهو محطة في طريق جولة ثانية من المفاوضات ستعتمد أولاً وأخيراً على حصيلة ما يتم التوصل إليه خلال الجولة الأولى.

ملف الأسرى والمعتقلين

الراجح أن ملف الأسرى والمعتقلين في سجون المليشيا الحوثية سيكون واحداً من الملفات التي ستبحث في مشاورات جنيف3.

وسبق وأخفقت الأمم المتحدة في إحراز تقدم بملف الأسرى والمعتقلين خلال المشاورات السابقة.

بيد أن الموفد الأممي الجديد بدا متفائلاً بشأن ملف الأسرى والمعتقلين، إذ قال أمام مجلس الأمن في جلسة الشهر الماضي “أشعر بتفاؤل كبير بالرغبة المشتركة للأطراف في إطلاق سراح الآلاف من أسرى الحرب”.

وكان الحوثيون قد أبدوا مرونة حول ملف المعتقلين، وهو الملف الذي يمكن أن يشكل تجاوزه بإطلاق سراح المسؤولين في سجنون الميليشيا بمن فيهم وزير الدفاع اللواء محمود الصبيحي مفتاحاً لمسار السلام في اليمن.

ملف الحديدة ومينائها

وتتمحور أهم ملفات المشاورات حول التصعيد العسكري في الحديدة ورفض مليشيا الحوثي تسليمه سلميا رغم محاولات المبعوث الأممي غريفيث في هذا الملف، وقد سبق واعترف الأخير بصعوبة التوصل إلى اتفاق بشأن نقطة الحرب الساخنة في محافظة الحديدة.

وعلى الرغم من مطالبته بدعم دولي يمنع التصعيد في الحديدة، إلا أن المبعوث الأممي قال “دعونا لا نسمح بأن يؤدي التقدم أو عدم التقدم في ملف الحديدة إلى إبعادنا عن تركيزنا الأساسي وهو البحث عن حل سياسي لهذا الصراع”.

سحب سلاح المليشيا

وكشفت مصادر دبلوماسية لـ”نيوزيمن” أن سحب سلاح الميليشيا أبرز ملامح خطة المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، وسيطرح في مشاورات الأيام القليلة القادمة بجنيف.

ولفتت المصادر إلى أن المفاوضات المزمعة ستكون بين حكومة وانقلاب، بينما يترك بعد ذلك الأمر لليمنيين للحوار بينهم لحل القضايا الأخرى بما في ذلك القضية الجنوبية، وأن المبعوث أكد التزام الأمم المتحدة بحلها في إطار الحفاظ على وحدة اليمن.

في المقابل يشير مسؤولون التقوا المبعوث الأممي إلى أنهم لمسوا عدم وجود تركيز من جانبه على مسألة تسليم السلاح، وهي العملية التي يصفها الناشطون بأنها استحضار لنموذج (حزب الله) اللبناني في اليمن، محذرين من تجاهلها خلال المشاورات.

ولا يرى الدبلوماسي اليمني عبد الوهاب طواف، أن الحوثيين يستطيعون العيش والبقاء دون الحرب واختلاق أعداء لتحشيد الناس معهم، ولا يمتلكون مشاريع بناء، ويؤكد أن تفكيرهم ينصب دوماً على أن ما حصلوا عليه بالقوة لن يتخلوا عنه إلا بالقوة، وأن السلام لن يكتب لهم أي حياة أو تطور، فمنذ الحروب الأولى كانوا مجرد عصابة والآن سيطروا على موارد دولة.

ويقول المحلل السياسي “بليغ المخلافي”، إن مليشيات الحوثي تستمد وجودها من بقاء السلاح وتجنيد مقاتلين وليس لها برنامج سياسي، والتجربة التي خاضتها المليشيات في الحوار الوطني لم تنضجها سياسياً ودليل كبير على ذلك.

ويضيف المخلافي، في تصريح لـ”نيوزيمن”، أن الحوثيين يرفضون الدخول في عملية سلمية بعد أن أفنوا كثيرا من أبناء اليمن في حرب هدفها غير أخلاقي لشخص يدعي أن له الحق الإلهي في الحكم.

مرتبات موظفي الدولة

شكل استحواذ ميليشيا الحوثي على موارد الدولة في مناطق سيطرتها مقابل إيقاف صرف مرتبات موظفي القطاع العام منذ عامين، رافعة الأزمة الإنسانية -في اليمن- الأسوأ في العالم وفق تصنيف الأمم المتحدة.

وكانت الحكومة قد طالبت ميليشيا الحوثي عقب قرار نقل البنك المركزي بتوريد عائدات الدولة في مناطق سيطرتهم إلى عدن، مقابل صرف مرتبات الموظفين في جميع المحافظات، وهو ما لم يحدث.

حيث رفض الحوثيون التعاطي مع الأمر بينما تتهمهم الحكومة اليمنية بالاستحواذ على موارد هائلة تتجاوز 6.7 مليار دولار سنوياً، حسب تقرير فريق الخبراء الخاص بالأمم المتحدة.

ويستحوذ الحوثيون على عائدات الضرائب والضرائب المضاعفة وضرائب الاتصالات وما يفرض من ضرائب على الصناعات المحلية في مناطق سيطرتهم.

ويقول الناشط عبدالكريم الحسن لـ”نيوزيمن” إنه في حال تم حل أزمة المرتبات ستكون مليشيات الحوثي الطرف الخاسر كونها تقبض على إيرادات ضخمة تستخدمها في تمويل الحرب، كما قامت بتوظيف وتجنيد عشرات الآلاف من الموالين لها في المؤسسات المدنية والعسكرية عقب اجتياح صنعاء قبل 4 سنوات وترفض الحكومة الشرعية إدراجهم في كشوف موظفي الدولة.

تجزئة المفاوضات

يعتقد مراقبون أن غريفيث قد يكون أدخل تغييراً جديداً على مسار المفاوضات بالمقارنة مع الإطار العام السابق، من خلال تقسيم ملفات التفاوض على مراحل.

ويعتقد هؤلاء أن تجزئة المفاوضات على هذا النحو قد تصطدم بتحفظات الأطراف لاسيما مليشيا الحوثي باعتبارها الطرف المعني بالعديد من الالتزامات التي ستطغى على ملفات التشاور في الجولة المقبلة في جنيف.

ومنذ مشاورات الكويت في الفترة الممتدة بين إبريل/ نيسان وحتى أغسطس/ آب 2016 باتت المفاوضات مبنية على مسارين أمني وسياسي.

ويتعلق المسار الأول بوقف إطلاق النار والانسحاب من المدن وغيرها من الترتيبات الأمنية في حين يرتبط الثاني بتشكيل حكومة توافقية تشارك فيها مختلف الأطراف.

ولا تظهر المؤشرات السياسية والعسكرية يمنياً أن فرصة نجاح مهيأة لجهود غريفيث كتلك التي توافرت لمشاورات الكويت 2016 الأطول والأهم إذ جرى استباقها بهدنة وتشكيل لجنة أمنية معنية بالإشراف على تنفيذها.

السلام أصعب على الحوثيين من الحرب

يؤكد الباحث والناشط السياسي صالح حميد، أن التسوية السلمية من دون التزامات حقيقية لا تستحق ثمن الورقة التي ستطبع عليها، مشدداً على أن قضية تسليم الأسلحة تعد واحدة من أكثر المسائل الحاسمة والشائكة التي تستوجب حلها جذرياً.

نيوزيمن

شارك