اسرار| (كشف أسماء من يقومون بتعذيب المختطفين).. معتقل سابق في سجون الحوثي السرية يروي تفاصيل عامين من التعذيب الجسدي والنفسي

معتقل سابق في سجون الحوثي السرية يروي تفاصيل عامين من التعذيب الجسدي والنفسي ويكشف أسماء من يقومون بتعذيب المختطفيين

 

#اسرار_سياسية – توفيق الحاج

 

كثير هم المختطفون الذين عذبتهم مليشيا الحوثي وسامتهم سوء العذاب ولا زالت.. أفرج عن النزر القليل منهم ومات خلف القضبان حسب روايات من أفرج عنهم عدد ليس بقليل وبقي هناك في السراديب والزنازين والبداريم الآلاف من الأبرياء يمارس ضدهم صنوف التعذيب، يغتصبون يقتلون يشنقون يقطعون يحرقون يجنون يموتون يدفنون دون أن يعلم مصيرهم وحالتهم وما يلاقونه أحد.

المختطف محمد على محمد الحسني من أبناء السلفية محافظة ريمة 61عاماً اختطفته مليشيا الحوثي وأخفته لمدة عامين، خرج ضمن صفقة تبادل أسرى، لكنه خرج وهو شبه ميت فاقد البصر مكسور العمود الفقري مكسورة إحدى فخذيه متورم من سوء التعذيب.

صحيفة 26 سبتمبر التقت الحسني وروى لها تفاصيل اختطافه وتعذيبه وكشف المسؤولين عن التعذيب واسماء من يمارسون الاغتصاب .

قبل أن أبادره بالسؤال والترحيب بادرني بالبكاء الشديد والقول: لقد أهانوا كرامتنا وامتهنوا أدميتنا وسلبوا رجولتنا… لكني حاولت أن امسك زمام الحوار وأهدئ من نفسيته التي سلبتها منه مليشيا الحوثي الإجرامية فسألته عن كيفية اختطافه؟ فقال : في بداية 2016م وتحديداً في شهر 2 كنت في مسجد السريحي في باجل أصلي العشاء فجأة سمعت ضجيجاً وسيارات وهي 2أطقم و2اوبل و2هيلكس تتبع الأمن السياسي في باجل، الأطقم مزودة بالرشاشات والعساكر منتشرون أكملت صلاة العشاء، ثم بدأت أصلي الوتر، وإذا بشخص يسأل عن الحسني، سمعت ذلك قال، له شخص ممن في المسجد: هو هناك، أنا قلت في نفسي: خيراً إن شاء الله كان معي ابني الصغير عمره 7 سنوات، أخذني شخص قبل أن أكمل الصلاة خرجت وإذا بالعساكر منتشرين متوزعين، قلت: كل هذا لمن؟ أنا رجل عادي وموظف في احدى المستشفيات وليس لي أي علاقات او انتماءات حزبية او تنظيمية.. أخذوني فوق احد السيارات وتركت ولدي الصغير خائفاً يبكي مرعوب، تركته وقلبي يكاد يتقطع، أخذه أحد الأصدقاء صاحب موتور وأوصله إلى البيت لأنه عرف أن الحوثيين خطفوني.

أخذوني مباشرة إلى إدارة الأمن في باجل، في الأمن ظللت منتظر قرابة ربع ساعة ومن هناك أخذوني إلى البحث ومن البحث عصبوا على عيوني ولم أدر إلى أين، لم يأخذوني ويدخلوني الحديدة مباشرة، لأنني لو أخذت الى هناك كنت سأعلم لأنني اعرف وأحفظ الطريق لكنهم حسب تقديري أدخلوني حارات وزقاقات تبدو وكأنها في باجل ما يقدر ساعة وربع ولم اعرف الى أين، لكن بعد شهرين أدركت أنني في الحديدة حين أخذوني مع آخرين من البحث إلى الحديدة كلبشوا يداي وقدمي رافق ذلك ضرب مبرح حتى إن احدى أسناني سقطت وسال الدم من انفي وفمي من كثرة الضرب والشتائم والسب الفاحش، حين وصلت إلى الحديدة أدخلونا زنزانة تحت الأرض لم اعرف أين انا، مجرد أن وصلت بعد عشر دقائق استجوبوني كان ذلك ما يقارب بعد منتصف الليل وقت الاستجواب كان كله ضرب بالسياط، بالمجلد، بالعصي، ثلاثة مستجوبين قيادات حوثية جميعهم مارسوا ضربي.

تعذيب دون سبب

وعن التهمة التي وجهت له يقول الحسني: لم توجه إلي أي تهمة كل ما في الأمر انه خلال مرحلة الاستجواب وفي كل مرة يستجوبوني يضربوني ضربا شديدا حتى يغمى علي ويسألوني أسئلة من تعرف؟ تعرف فلان، تعرف علان، جميع من سألوني عنهم قيادات مدنية وحزبية ومنظمات كنت صادقا معهم وقلت: أعرف بعضهم من المسجد، وبعضهم سمعت عنهم مثلي مثل غيري، وبعد الضرب والتعذيب في أول استجواب أعادوني ومنعوا عني الأكل والشرب لمدة يومين، انهارت قواي وبعد اليومين استجوبوني مرة ثانية رافق ذلك ضرب شديد على إثرها فقدت إحدى عيني، أعادوني إلى الزنزانة، وهكذا في كل مرة يستجوبوني ضرب ونفس الأسئلة.

سراديب وأعمال شاقة

وعن السجون التي تنقل فيها يقول: في باجل من إدارة الأمن، إلى إدارة البحث ثم إلى الحديدة وبعد قرابة ستة أشهر نقلت من الحديدة إلى الصليف، وفي الصليف وجدت سراديب تحت الأرض سراديب كثيرة وموحشة حفرها مختطفون سبقونا.. فور وصولنا شغلونا بأعمال شاقة وهي أكبر أعمال شاقة في تاريخ اليمن كنا نحفر ليل نهار 24 ساعة جائعين وفي مناخ لا يحتمل، هناك عشرات السراديب حفرت طول السرداب الواحد ما يقارب 150 متر وبعرض مترين او أكثر، العمق ستة أمتار لها مخارج هذه السراديب أعدت إعداداً عسكرياً حربيا وكان هناك ألآت للحفر وكانت تخزن في السراديب الجاهزة أسلحة وصناديق وأكثر من مرة شاهدناهم ينزلون أسلحة ويخزنونها.. الحفر، والتخزين والتعذيب يشرف عليها مهندسون وخبراء من حزب الله ومن إيران شاهدتهم أنا وسمعت كلماتهم ولهجتهم الإيرانية واللبنانية، هذا الكلام أقوله وأنا متأكد منه ووثقته من اكثر من خمسين شخصاً عمل في هذه السراديب.

من السراديب إلى الصهاريج

بعد العمل في هذه السراديب لمدة شهرين نقلوني من سراديب الصليف إلى رأس عيسى، وهناك الموت، هناك حيث الصهاريج الحديدية صهاريج الموت -يبكي وهو يتكلم – صهاريج حديدة أدخلونا فيها كنا مجموعة قرابة 16 أخذونا في دينة من الصليف إلى رأس عيسى.. هذه الصهاريج هي صهاريج الوقود التابعة للعيسي تاجر الوقود والمشتقات النفطية فور وصولنا شممنا اللحام أعمال الحديد؛ لأنهم كانوا يقسمون الصهريج الواحد إلى زنازين انفرادية، وهناك في الزنازين عذبنا، اغتصبنا ومتنا، مات أكثر من 17 شخصاً أمام عيني جميعهم ماتوا تحت التعذيب، بعد تعذيب شديد واغتصاب مات ممن كانوا معي، وممن نقلوا معي وقبلي إلى الصهاريج.

من رأس عيسى التي مكثت في سجونها شهرين، نقلوني إلى القلعة في الحديدة، في القلعة كان الحوثيون قد حولوا المجاري والصرف الصحي للحارات المجاورة الى القلعة في القلعة ثلاث غرف في كل غرفة حفرة او غرفة تفتيش تأتي المجاري فتغمرنا إلى صدورنا إلى العنق أحيانا، وفي هذه الغرفة جلست فيها 3 أشهر ليس هناك تحقيقات، وإنما ضرب فقط، منعونا من الصلاة ومن القرآن ومن كل شيء، ومارسوا ضدنا كل أنواع التعذيب، ثم من القلعة اعادونا إلى رأس عيسى ثاني مرة وهناك مات أكثر ممن أخذوهم معنا ما يقارب 12، ماتوا كل يوم كان يطلع الصباح وقد ماتوا 3 أو 4 جراء التعذيب.

من رأس عيسى نقلوني ومجموعة بعد أن كلبشوا كل اثنين في كلباش وحملونا في شاحنة وسارت بنا طوال الليل إلى أن وصلنا منطقة ثلا محافظة المحويت، وهناك أخذوا منا مجموعة لا نعلم إلى أين، ونحن جردونا من ملابسنا مورس معنا التعذيب وتوفي أحدنا من التعذيب، جلست في ثلا قرابة شهر، ثم نقلت إلى قسم في صنعاء قريب من المطار وهناك تكرر نفس التعذيب والامتهان.

أبشع سجون العصر الحديث

وعن أنواع التعذيب قال الحسني: مليشيا الحوثي عصابة إجرامية تمارس إجرام وفنون تعذيب لا يتخيلها عقل، أحسن المسجونين حالا من يخرج معاقاً او مقعداً لا يستطيع الحركة، والبعض خرج مجنوناً وآخرون مجانين داخل السجن.

لقد مارسوا معي ومع كل الأسرى والمختطفين أشكال وأنواع من التعذيب؛ ضرب وصعق واغتصاب وبقر للبطون وإطفاء لسجائر على الأجسام،» استخدموا المثاقب الكهربائية لخزق أجسام المختطفين واستخدموا الآلات الحادة لوخزهم، إنها أهوال وجرائم لا تخطر بعقل بشر.

نتيجة التعذيب الذي ألهب جسدي سرت لا أقوى على المشي إلا بصعوبة نتيجة انزلاق في العمود الفقري وانفجار في البرستات نتيجة ان الحوثيين يجبرونا على شرب الماء المالح واكل الحبحب بكميات كبير والذكر مربوط وملصق بلاصق أميركي.

يضيف “إني والله شاهد على تعذيب تنهد من هوله صم الجلاميد، واغتصاب جماعي، وبقر للبطون في تلك الغياهب والمسالخ المرعبة، ان مليشيا الحوثي مجرمة إرهابية لا تعرف رحمة وليس فيها ذرة من إنسانية، انها أبشع سجون يشهدها العصر الحديث، أبشع من مجازر بورما والصرب”.

من أنوع التعذيب

هناك في السجن استطعت أن أقوم باستفتاء لسجناء لما يقارب 900 مختطف وجدت إن 90%منهم تهمتهم أنهم دواعش عملاء مخابرات مع العدوان كما يقولون، وجميعهم يعذبون ويضربون ويغتصبون.

من أنواع التعذيب يقومون بعصب الأعين وتقييد الأطراف لتبدأ الأسئلة بالضرب باستخدام الأرجل والصفع على الوجه والضرب في مؤخرة الرأس وإطفاء السجائر في أجسادنا وربط اﻷقدام بإحكام، ويتم شدنا بحبل من الخلف وخرمن الأمام، والبدء بعذاب لا يطاق، وخلال عملية الشد والجذب يضعون تحت القدمين علبتين فول بحيث تنزل كتلة جسد اﻹنسان كاملة عليها، ويستمر الحال لساعات إلى أن يبدأ الورم يسري في الأرجل تشعر ان جسدك يتآكل، ان كنت محظوظاً فسوف يتفجر الدم من تحت اظافر أقدامك، وهذا عذاب وأي عذاب، صنوف شتى من التعذيب في عملية واحدة من هذه، صباح اليوم الثاني كان قد ماتوا 12 سجيناً بسبب تورم الأطراف وتسمم دم.

ومن التعذيب أن المختطفين يربط من كتف واحد ثم يعلق لمدة يوم او يومين ، وهذا يحصل تصلب في كتف أو نصف الجسم.

وأشد من ذلك كانوا يربطون أحدنا من القدمين وتجمع مع اليدين ثم نعلق لمدة يوم أو يومين يخرج الدم من الاذنين ومن الأنف وتبرز العينين واغلبهم مات بسبب ذلك.

تعذيب نفسي

ويضيف الحسني هذا التعذيب الجسدي صاحبه تعذيب نفسي، من ذلك أنه يوجد في السجون صوتيات كبيرة سماعات تردد على مدار24 ساعة زوامل، وهناك إضاءة شديدة على مدار الساعة، المصابيح في تلك المعتقلات ذات إضاءة حادة ولا تنطفئ إطلاقا، وذلك من أجل جعل عملية النوم مستحيلة، وكانت تلك الطريقة بحد ذاتها معاناة وآلام كافية لأن يجن المختطف؛ فكان السجناء يمنعون من النوم حتى يصابوا بالإعياء والإغماء، وكان أي سجين يسقط على الأرض لينام يقومون بإيقاظه مباشرة حتى يحس بالجنون، والأغلب جن جراء ذلك الضجيج.

اغتصاب الكل أمام الكل

وبخصوص من يمارس تعذيب المختطفين واغتصابهم قال: من يمارس تعذيب الاسرى والمختطفين يمنيون وبإشراف عناصر من إيران ومن حزب الله، وقد قابلت قيادات ايرانية ومن حزب الله، وسمعت كلمات ايرانية ولبنانية من اشخاص ايرانيين ولبنانيين وانا معصوب العينين.. القيادات الحوثية التي تمارس تعذيب المختطفين في الحديدة جميع المختطفين يعرفونهم هم طه المحبشي ومحمود الشرفي وإبراهيم السياني ومحمد سليمان ومحمد الذاري وابو العلاء العميسي، هؤلاء هم من يعذب الناس ويمتهن كرامتهم، وهناك بيت بالقرب من قلعة الحديدة نقلوني فيما بعد إليه، البيت يتبع مواطن على ما يبدو لكن اتخذوه بمثابة سجن سري له بدروم، وهذا السجن السري يمارس فيه الاغتصاب أمام المساجين، الكل يغتصب أمام الكل، الذي كان يمارس الاغتصاب هم كثر من قيادات الحوثي أبرزهم عمار المحبشي ومحمود الشرفي وأبو صقر من ذمار، الاغتصاب برنامج للكل ليس هناك فرق بين كبير أو صغير أمرد او غيره، الاغتصاب للكل وجزء من التعذيب، يغتصب الشخص لمرة ومرات ومرات.

مسؤول الاغتصاب

محمود الشرفي، عمار المحبشي، ابو صقر الذماري، هؤلاء هم من كانوا يمارسون اغتصاب المختطفين وهم مسؤولون عن اغتصاب المختطفين ، كنا نرص مجردين من ثيابنا ثم يمارس الاغتصاب أمام الجميع، جميع المختطفين بسطاء لا تهمة لهم، وجميعهم مورس ضدهم التعذيب والاغتصاب، ومات الكثير، وجن البعض من كثرة التعذيب النفسي والجسدي.

غرف إعدام

ويصف الحسني زنازين وسجون المليشيا بالقول: في صهاريج رأس عيسى كانت الزنازين مصممه فوق أنظمة التدفئة، وكانت درجة الحرارة ترتفع فيها إلى حد لا يطاق حتى نخر صرعى من شدة الحرارة وقلة النوم في صهاريج حديدية، كان يجمع في الزنزانة الواحدة ما يقارب خمسة وأربعين سجيناً، رغم أن تصميمها ليس معد سوى لعشرة أو خمسة عشر شخص كحد أقصى.

وفي الزنازين الانفرادية كانت الزنزانة بمساحة متر واحد لا يسمح فيها للشخص بالنوم لأيام متعاقبة، مع أنظمة صوت تبث ضوضاء مستمرة زوامل وغناء كان الهدف منها دفع السجين ليصل إلى مرحلة الجنون واللاوعي وقد حدث ذلك.

ما وجدته في هذه السجون أن هناك غرفاً للإعدامات والتصفية الجسدية لمعارضيهم، والتي لا يدخلها غير المحظوظين، وقد تم تصميمها بشكل يسمح بالموت والقتل السريع للسجين فيها، والتنظيف السهل من الدماء بصناعة أرضية منحنية لا تسمح بتجمع الدم عليها.. كما وجدنا مظاريف لطلقات نارية في أرضية هذه الغرف مقذوفات تحكي للجميع القتل والإعدامات اليومية التي تشهده تلك الزنازين.. هذه الإعدامات لم تشمل المختطفين فحسب، وإنما شملت مقاتلين حوثيين فروا من جبهات القتال يأخذونهم ويعدمونهم، وكذلك العائدين من الحرب ما لم يعودوا إلى الجبهات يتم معاقبتهم حتى الموت، وأنا وغيري شاهد على ذلك الجرم الفظيع.

وعن معرفة أهله عن مصيره قال الحسني: لم تعلم أسرتي أين مصيري طوال عامين وهي فترة سجني حتى من أخذ ابني من المسجد لم يخبرهم خوفاً من بطش المليشيا وظلمها.

الحسني الآن يتلقى العلاج في مستشفيات مأرب ويتواصل مع منظمات مدنية حقوقية تتبنى قضيته وزملائه في سجون مليشيا الحوثي كما أنه يعكف على تدوين تقارير عن إجرام مليشيا الحوثي وإرهابها وعن سجونها وسراديبها، كما يحاول حسب قوله تذكر وتدوين قصص من مات تحت التعذيب وأسمائهم وما تلقوه من تعذيب.. ويختم حديثه بالقول: لست سوى واحد من آلاف المختطفين الذين اغتصبوا وعذبوا وماتوا ولا زالوا يعذبون.

شارك