الحوثي: أنا هنا يا هادي

 

 

#اسرار_سياسية – فارس جميل:

يعلم من يستمع لخطابات الحوثيين جيداً معنى الآية الكريمة (وأنهم يقولون ما لا يفعلون)، فالجماعة تقوم بعملية تضليل منظمة ومستمرة، وتملأ فراغ الشرعية الإعلامي بأساطيرها ومعتقداتها وادعاءاتها التي لا تمت للواقع بصلة.

أصدر الحوثيون عن وزارة دفاعهم رسائل تطمين تدعو المقاتلين ضدهم للعودة إلى مناطقهم والتخلي عن القتال في صف الشرعية، في نفس الوقت الذي تعرض فيه عشرات العائدين منهم للاعتقال عند زياراتهم لأسرهم في مناطقهم الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، كما حدث الأسبوع الماضي في وصاب وحبيش.

تحدث الحوثيون عن اعتدالهم وقبولهم بالآخر، لكنهم في نفس الوقت يحاكمون البهائيين بسبب ديانتهم، ويعتقلون من تبقى منهم خارج السجون كما حدث مع عبدالله العلفي مؤخراً.

سيطر الحوثيون على كل جوامع صنعاء باستثناء بعض الجوامع التابعة للسلفيين الموالين لمحمد الإمام كجامع الخير في حي شميلة وجامع الدعوة في شارع تعز، وبعد أن منعوا مكبرات الصوت نقل صلاة التراويح برمضان لأنهم لا يؤمنون بها، ترتفع أصواتهم كل يوم بدعوات خاصة بهم بعد الصلوات حتى قبل أذان الفجر، ناهيك عن الصرخة التي يرددونها باستمرار في كل مسجد كتعبير عن هيمنتهم وحضورهم.

قال حسين العزي، المعين من الحوثيين نائباً لوزير الخارجية، إن جماعته لم ترفع شعارها ضد اليمنيين ولا ضد السعودية والإمارات وإنما ضد أمريكا وإسرائيل، متسائلا عن سبب قتال اليمنيين والتحالف لجماعته، فرد عليه أحدهم ببساطة، لأنكم ترفعون شعاركم ضد أمريكا وتقتلون اليمنيين.

وبعد أن أحرق الحوثيون إرشيف وزارة الأوقاف ونهبوا الكثير من أراضيها، اعتدى حسين العزي ومرافقوه على السفير عبيد لأنه رفض تسليمهم إرشيف وزارة الخارجية اليمنية الذي يحتوي معلومات مهمة للغاية عن العلاقات اليمنية مع دول العالم، رغم أن الوزارة لم تتعرض لأي قصف، وليس هناك خطر يهدد الإرشيف ليصادره حسين إلى البيدرومات كما فعلت جماعته عندما نهبت خزنات البنك المركزي ووضعت مئات المليارات في البيدرومات بصنعاء بعد تهريب أكثرها إلى صعدة.

بعد أن تعرض السفير عبيد للضرب بأعقاب البنادق والسحل في طواريد مبنى وزارة الخارجية بصنعاء، والذي حدث بينما كان الوزير هشام شرف مجتمعاً ببعثة المفوضية السامية لحقوق الإنسان لدى اليمن، خرج العزي لنفي الحادثة، ونشر تغريدات مصحوبة بصورة له مع السفير عبيد المغلوب على أمره، لكن النائب السابق فيصل أمين أبو راس، ومن حيث لا يقصد، فضح الرجل، ونشر تغريدة عن تسامحه ورجولته لأنه اعتذر للسفير عبيد عن خطئه بحقه.

يتهم الحوثيون الأمم المتحدة بالانحياز للشرعية والتحالف ضدهم، في نفس الوقت تصدر وزارة حسين العزي بياناً تستنكر فيه الحملة الإعلامية ضد الأمم المتحدة ووكالاتها الإغاثية في اليمن.

في نفس الوقت الذي دشن فيه بن حبتور منظومة الربط الشبكي للبحث العلمي باليمن، دشن عبدالله الشامي مؤتمرا علميا تقدم فيه (30 ورقة بحثية) عما يسمى “عهد الإمام علي لمالك الأشتر”، بمشاركة رؤساء الجامعات اليمنية، باعتباره دليلا إرشاديا للإدارة الحكيمة يجب تنفيذه في المؤسسات الحكومية اليمنية.

بالتزامن مع مؤتمر الأشتر والشامي، أصدرت جماعة الحوثيين تعليمات للمحافظين بالقيام بعدد من الإجراءات على ضوء عهد الإمام علي للأشتر، وقامت محافظة المقدشي بذمار وأمانة حمود عباد بصنعاء برفع البسطات من الشوارع، ومنع عشرات آلاف البسطاء الذين يعيلون أسرهم من تلك البسطات من مصدر رزقهم الوحيد، كأول تنفيذ لتوصيات مؤتمر الشامي، وكأن الإمام علي سيحتفل بتجويعهم لليمنيين باسمه.

أصدر الحوثيون قانوناً بإنشاء المجلس اليمني للاختصاصات الطبية، بينما مارسوا ضغوطات على شركات الأدوية أدت إلى رفع أسعار الدواء بنسب تصل أحياناً إلى الضعف.

أغلق الحوثيون منظمات المجتمع المدني وامتلأت الشوارع وصفحات الانترنت بمسميات مختلفة تتبعهم وتروج لفكرهم وسياساتهم، وأصبحت مؤسسة الإمام الهادي الثقافية تنشر كتبها وتنظم فعالياتها للاحتفال بذكرى قدوم يحيى بن الحسين القاسم (الرسي) إلى اليمن، وهو الذي أدى قدومه إلى دوامة حروب بين اليمنيين لم تزل مستمرة حتى اليوم.

يرفع الحوثيون هراواتهم وأسلحتهم، ويملؤون معتقلاتهم بالشباب الذين خرجوا في ثورة الجياع، ولا زال العشرات منهم معتقلين حتى اللحظة، وفي نفس الوقت تشهد مطاعم صنعاء موائدَ أسطورية لمشرفي ومسلحي الجماعة، وأصبح من يرتاد مطاعم الشيباني أو مطاعم المندي بصنعاء قادراً على تمييز طاولاتهم عن سواهم من عموم الشعب، بأهرامات اللحوم التي تشاد أمامهم.

هكذا يقول الحوثيون نحن هنا، رداً على تساؤل الرئيس هادي من الرياض “نحن هنا أين أنتم؟”، وهكذا يمارسون التضليل على ملايين اليمنيين في ظل غياب شبه تام لإعلام هادي ووزيره الإرياني المنشغلين بمهام أخرى، ليس من ضمنها مجرد إذاعة واحدة تبث بصنعاء ومناطق الحوثي على الأقل لتفنيد مزاعم الحوثيين، أو تقديم صوت مختلف عن صوتهم.

شارك