اسرار | كتائب “أبوالعباس”: غدر الإصلاح وراء انسحابنا من تعز

كتائب “أبوالعباس”: غدر الإصلاح وراء انسحابنا من تعز

#اسرار_سياسية -العرب:
أكدت مصادر متطابقة لـ”العرب” رفض التحالف العربي والرئاسة اليمنية مغادرة قيادات وأفراد كتائب أبوالعباس التابعة للواء 35 مدرع لمدينة تعز جراء الضغوط والاستهدافات المتكررة، التي يقولون إنهم يتعرضون لها من قبل وحدات عسكرية محسوبة على حزب الإصلاح الإخواني في المدينة.

وأشارت المصادر إلى أن التحالف والحكومة اليمنية يبذلان جهودا كبيرة للحيلولة دون مغادرة الكتائب وأفراد أسرهم للمدينة، وتوفير ضمانات كافية لحمايتهم وتطبيع الحياة في تعز.

وحصلت “العرب” على وثيقتين إحداهما موجهة من قيادة السلطة المحلية في محافظة تعز ممثلة بالمحافظ أمين محمود، والثانية من قيادة المنطقة العسكرية الرابعة، تطلبان من العقيد عادل عبده فارع قائد كتائب أبوالعباس عدم مغادرة تعز برفقة عناصره وأسرهم، وفق ما أعلن عنه في بيان سابق.

وأكدت الوثائق التي حملت عنوان “أمر عملياتي” على الدور الذي لعبته الكتائب ذات الأغلبية السلفية في مواجهة الميليشيات الحوثية وتحرير مناطق واسعة في محافظة تعز، في مؤشر على كيدية التهم التي يروج لها قادة عسكريون في محور تعز وإدارة أمنها المتهمين بتلقي أوامر من قيادات حزبية لإحكام السيطرة على تعز وطرد السلفيين منها.

وأصدر العقيد عادل عبده فارع، الشهير بأبوالعباس، بيانا مساء السبت أعلن فيه عن اعتزامه ومقاتليه وأفراد عائلاتهم مغادرة مدينة تعز خلال أسبوع طالبا من الحكومة الشرعية تأمين خروجهم وتوفير وسائل النقل اللازمة لذلك.

واتهم أبوالعباس حزب الإصلاح بـ”الغدر” بكتائب أبوالعباس، التي قال إنها “ضحت بالكثير وإن بنادقها لا يمكن أن تتوجه إلا صوب الحوثيين”، مشيرا إلى أنه قرر “الانسحاب طواعية من المدينة تجنبا للقتال الداخلي” بعد أن “سلم كل المؤسسات والمقرات الحكومية والمواقع العسكرية للسلطة المحلية، في الوقت الذي لم يلتزم الإصلاح ولم يسلم ما تحت يديه من مؤسسات ومقرات”.

وأشار البيان إلى تعرض السلفيين في المدينة لما وصفه بحملة “تضييق واختطاف ومطاردة وحصار”، الأمر الذي دفعهم -بحسب ما جاء في البيان- إلى اتخاذ قرار “الخروج من تعز خروجا نهائيا وتركها لحزب الإصلاح”.

وعن خلفيات الصراع الذي بدأ منذ فترة مبكرة بين وحدات عسكرية تابعة لحزب الإصلاح وكتائب أبوالعباس التابعة للواء 35 مدرع ذات التوجه السلفي، أكد المسؤول الإعلامي في كتائب أبوالعباس رضوان الحاشدي في تصريح لـ”العرب” أن الكتائب “باعتبارها فصيلا وطنيا تابعا للواء 35 مدرع كانت تقاتل طوال الفترة الماضية في صفوف الجيش الوطني ضد ميليشيات الحوثي الانقلابية من أجل استعادة الدولة وتحرير تعز، وليست لديها أي أطماع سياسية أو حزبية ولا تبحث عن مصالح ومكاسب، بل تتحرك ضمن الإطار الوطني الجامع″.

وأشار الحاشدي إلى أن قادة كتائب أبوالعباس “تفاجأوا بوجود أطراف محسوبة على الجيش الوطني تعمل من أجل أحزابها ومن أجل الاستحواذ والسيطرة، وهذا ما جعلها تترك العدو الحوثي وتشن الحرب على الكتائب”، لافتا إلى تعرضهم “لقصف مكثف في مواقعهم واستهداف أفرادهم، بالتزامن مع شن حملات تحريض إعلامي وصلت إلى درجة اتهامهم بالإرهاب”.

وقال الحاشدي إن كل الخطوات التي أقدمت عليها كتائب أبوالعباس في إطار استعادة الدولة ومؤسساتها قوبلت من قبل الطرف الآخر ممثلا في جماعة الإخوان بنقض الاتفاقات والتمرد على التوجيهات العليا سواء الرئاسية أو توجيهات المحافظ.

وعن أسباب الإعلان عن قرارهم مغادرة تعز أضاف الحاشدي “أمام وضع كهذا كان لزاما علينا طالما نقدس الدم اليمني أن نبادر بالخروج من تعز حقنا للدماء واستشعارا للمسؤولية، وهذا الموقف لا يفعله إلا طرف قوي يستشعر مسؤوليته الوطنية والأخلاقية، ويؤمن بالدولة قولا وفعلا، وليس طرفا ضعيفا كما يظن البعض”.

وشهدت تعز مؤخرا موجات متقطعة من المواجهات المسلحة بين كتائب أبوالعباس ووحدات عسكرية أخرى محسوبة على تنظيم الإخوان، في ظل مؤشرات على اتخاذ الإخوان لقرار نهائي يقضي بضرورة إحكام سيطرتهم على المناطق المحررة من تعز من خلال إزاحة كتائب أبوالعباس التي يعتبرها البعض حجر العثرة الوحيدة أمام إكمال الإصلاح لسيطرته على المدينة، من خلال أدواته النافذة في الجيش والأمن وسيطرة قياداته وعناصره على قيادة محور تعز وإدارة أمن المحافظة، إضافة إلى عدد من الوحدات العسكرية الأخرى التي تم تشكيلها خلال الأعوام الثلاثة الماضية.

واعتبر الصحافي والباحث السياسي اليمني أحمد شوقي أحمد، في تصريح لـ”العرب”، أن أبوالعباس بإعلانه الخروج من تعز قد “رمى حجرا كبيرا في المياه الراكدة، ونقل الصراع من حالة تصفية الحسابات تحت ملهاة الجدل السياسي العابث إلى بعد أكثر أخلاقية من خلال الظهور كطرف غلّب مصلحة سكان المدينة وحياة أبنائها على أهداف الانتقام أو شهوة الانتصار في قتال أهلي”.

ولفت شوقي، المقيم في مدينة تعز، إلى أن “أبوالعباس صور خصومه الذين اتهموه بالإرهاب والعمل لأهداف مشبوهة بأنهم لا يقبلون بالتعايش مع من يفترض أنهم رفاق سلاح في معركة المقاومة والتحرير”.

وأضاف أن “غياب المسؤولية لدى وحدات الجيش المختلفة قد حوّل عملية القبض على مطلوبين أمنيا إلى معركة لفرض الهيمنة والإقصاء، من قبل مجموعات عسكرية مرتبطة بالتجمع اليمني للإصلاح، وهو ما سبب شرخا في النسيج الاجتماعي في المدينة”، مؤكدا أن “قرار الخروج كشف عن خداع المجموعات العسكرية الأخرى المسيطرة على بعض المرتفعات ‘الآمنة’ وسط المدينة للرأي العام، حيث تم تسليم هذه المواقع صوريا للقوات الأمنية بحسب أوامر محافظ تعز، ليتم بعد ذلك طرد الوحدات الأمنية وإعادة السيطرة على هذه المواقع، وهو ما اعتبره كثيرون تنصلا ينم عن سوء نية من قبل هذه المجموعات المقاتلة التي تتمترس في مواقع لا حاجة لها بالبقاء فيها سوى استخدامها كمنصات نارية إذا ما تفجر القتال مع كتائب أبوالعباس، التي سلمت المواقع الاستراتيجية التي بحوزتها دون شروط”.

وامتد الصراع للسيطرة على محافظة تعز، أكبر المحافظات اليمنية من حيث عدد السكان، ليشمل صراعا من نوع آخر بين الإخوان ومحافظ تعز أمين محمود عبر تسيير مظاهرات مناهضة له في شوارع المدينة واتهامه بالفساد و”حماية العناصر الخارجة عن القانون”، على خلفية رفضه تصفية وجود كتائب أبوالعباس، الفصيل العسكري الوحيد غير الخاضع لسلطة جماعة الإخوان في تعز.

ويؤكد مراقبون تورط النظام القطري بشكل مباشر في الأحداث التي تشهدها مدينة تعز، من خلال دعم خطاب سياسي وإعلامي مناوئ للتحالف العربي بقيادة السعودية، وهو الأمر الذي كشفته العديد من الفعاليات والتظاهرات التي حملت شعارات معادية للتحالف وهي ذات التهمة التي توجه لكتائب أبوالعباس باعتبارها مقربة من إحدى دول التحالف كما تقول وسائل الإعلام التابعة لحزب الإصلاح.

وحذر ناشطون يمنيون من خطورة تفشي ظاهرة التهجير السياسي وتكرار نموذج تهجير الحوثيين لسلفيي دماج في محافظة صعدة في العام 2014، والانعكاسات الكارثية التي يمكن أن يتسبب بها الإمعان في إلغاء الأصوات المغايرة وعدم التعايش بين كافة مكونات المجتمع اليمني.

شارك