اسرار| مليشيات الحوثي وتجّار العاصمة: نهب وإهانة وإحلال

مليشيات الحوثي وتجّار العاصمة: نهب وإهانة وإحلال

 

#اسرار_سياسية: عملية الفساد المنظم الذي تمارسه مليشيات الحوثي في العاصمة صنعاء ومناطق سيطرتها لا تقف عند حد، فهي تمتد لتشمل كافة المجالات، وتستهدف كافة الشرائح سواء المواطنين أو الموظفين أو التجار.

شكاوى المواطنين والموظفين الذين تسرق المليشيات الحوثية مرتباتهم امتدت لتشمل قطاع التجار الذين تزداد شكاواهم من ممارسات المليشيات الحوثية بحقهم خاصة في العاصمة صنعاء التي تُعد المدينة الأكبر لجهة حجم النشاط الاقتصادي والتجاري مقارنة بالمدن اليمنية الأخرى.

إتاوات… وتراجع مبيعات.. وتسريح موظفين

في أحد محلات الملابس بشارع هائل بالعاصمة صنعاء، يشتكي صاحب المحل من صعوبة الأوضاع التي يمر بها التجار ويقول لنيوز يمن: في عهد حكم الحوثي نحن ندفع جمارك غير قانونية مرتين، كما ندفع ما يسمونه “مجهود حربي”، وفوق هذا ندفع ضرائب قانونية، والآن باتوا يفرضون علينا زكاة غير الزكاة المفروضة قانوناً، ونتعرض للتهديد بإغلاق محلاتنا في حال رفضنا دفع ما يريدونه من إتاوات.

يضيف التاجر – الذي يحتفظ (نيوزيمن) باسمه حرصاً على وضعه الأمني: تخيل أن أي سلعة تصل إلينا بقيمة مضاعفة لقيمتها المفترضة أربع مرات، ما يضطرنا لرفع سعرها وإضافة كل هذه الأعباء على كاهل الزبائن الذين، أيضاً، لم يعودوا قادرين على الشراء كما كانوا أيام زمان.

وفي إجابته على سؤال لـ(نيوزيمن) عن حجم البيع في محله رد: ثمة ارتفاع في أسعار السلع ناجم عن الإتاوات غير القانونية التي ندفعها، وانقطاع المرتبات عن الموظفين، وارتفاع قيمة الخدمات كالإيجارات (بسبب ارتفاع أسعار الدولار مقابل العملة المحلية) وقيمة الكهرباء التجارية، ووضع الحرب، كل ذلك يجعل حجم عملية البيع في أدنى مستوياتها، ولو قارنا نسبة عملية البيع هذا العام في محلنا فإنها تراجعت إلى أقل من 50 % عما كانت عليه قبل عامين.

واضطر كثير من أصحاب المحلات والتجار إلى تسريح أعداد كبيرة من الموظفين في ظل الركود الذي تشهده عملية البيع والشراء في محلاتهم وارتفاع قيمة الخدمات، وهو الأمر الذي ينعكس تأثيره على الأوضاع المعيشية للأسر التي كان يعيلها الموظفون الذين تم تسريحهم، بل إن الخطر الأكبر من ذلك يتمثل في أن معظم الذين تم تسريحهم من الشباب، وهو ما يسهل من قدرة المليشيات الحوثية على استقطابهم وتجنيدهم للقتال في صفوفها.

في محل آخر للملابس يقول أحد الموظفين: تعودنا في الماضي على أن تقوم معظم الأسر في العاصمة صنعاء بعملية شراء ملابس العيد للأطفال منذ ما قبل رمضان إلى درجة أن معظم البضاعة تنتهي منتصف رمضان، لكن في عهد الحوثيين، وخاصة هذا العام، بتنا نحن غير قادرين على إدخال بضاعة جديدة بسبب ارتفاع أسعار الدولار والجمارك المضاعفة والإتاوات التي ندفعها، وبات المواطنون غير قادرين على الشراء بسبب انقطاع المرتبات والوضع الصعب الذي يعيشونه.

يتابع: حتى الأسر التي تشتري اليوم احتياجات أطفالها من الملابس لم تعد تشتري غير قطعة لكل طفل بالمقارنة بشراء ثلاث إلى أربع قطع في الماضي.

من فساد القسائم.. إلى الإهانة والإحلال

خلال العام الماضي عمدت مليشيات الحوثي وعبر وزارة ماليتها التي كان يديرها صالح شعبان إلى اللجوء لاستخدام أسلوب القسائم التي تم توزيعها على موظفي الدولة ليحصلوا بموجبها على احتياجاتهم من الغذاء واللبس كبديل للمرتبات، وهو الأسلوب الذي تؤكد المصادر أنه عكس حالة فساد منظمة تمكنت المليشيات عبرها من جني مليارات الريالات.

ووفقاً لمصادر اقتصادية فقد تورط مسؤولون كُثر في صفقات الفساد وفي مقدمتهم وزير المالية السابق المحسوب على مليشيات الحوثي صالح شعبان الذي اتفق مع التجار على رفع أسعار السلع التي يقدمونها للموظفين بموجب القسائم مقابل الحصول على نسبة من عائدات رفع الأسعار وهو ما تم فعلاً.

وحسب تلك المصادر، فإن الفساد، أيضاً، شمل عملية نهب مرتبات موظفي الدولة الذين اضطروا إلى أن يصرفوا مرتباتهم على نصف الاحتياجات التي كانت توفرها المرتبات في حال شرائهم للسلع من السوق بعيدًا عن القسائم.

ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل امتد أيضًا لعملية سرقة واضحة مورست من قبل قيادات المليشيات الحوثية بحق معظم التجار الذين تم إرغامهم على القبول بالقسائم تحت الإكراه، ليتفاجأوا بعدها بتملص مالية مليشيات الحوثي من سداد ما عليها من أموال مقابل ماباعوه للموظفين.

عملية الفساد المنظم التي رافقت سياسة القسائم لموظفي الدولة سرعان ما أفشلت هذه التجربة، حيث اضطر التجار في العاصمة صنعاء إلى رفض الاستمرار في التعامل بها، ولعل اضطرار مركز (ظمران سنتر) في شارع الستين بالعاصمة صنعاء، وهو أحد أكبر المراكز التجارية، دليل على عملية الفساد التي مورست من قبل مليشيات الحوثي بحق الموظفين والتجار على حد سواء.

وفي سياق آخر متصل بما تمارسه المليشيات الحوثية بحق التجار في العاصمة صنعاء يقول تاجر آخر لنيوز يمن: تعامل الحوثيين مع التجار مهين ليس فقط في طريقة فرض إتاوات خارج القانون عليهم، بل في أسلوب تعاملهم، فهم يشعرونك وكأنه يجب عليك أن تعمل وتشقى وتكد وتجمع المال من أجل أن تمنحه لهم.

ويضيف: أعتقد أن هناك تعمداً من قبل الحوثيين لإهانة التجار بهدف تطفيشهم وإرغامهم على بيع تجارتهم في العاصمة بأقل الأسعار والخروج، وهو الأمر الذي سيمكن المليشيات من استغلال ذلك وشراء هذه المحلات في عملية إحلال لتجار محسوبين عليها، بل قد يكونون من كبار قياداتهم.

شارك